وطرق معالجتهاالمقدمةتشكل النيماتودا احد أهم العوامل الضارة في إنتاجية المحاصيل الزراعية في الفكر العربي السوري كما ونوعا فوجودها الذي كثيرا. يخفيه صغر حجمها عن العين المجردة لم يقم التقييم الاقتصادي الكافي في سجل الخسائر والأضرار التي يحدثها الآفات الزراعية المختلفة لمحاصيلنا الزراعية الرئيسية إذ كثيرا ما تسبب هذه الخسائر والأضرار تجاوزا لمسببات أخرى أكثر وضوحا وأسهل اكتشافا كالحشرات والإمراض النباتية المعروفة أو فقدان الخصوبة في التربة. فالنيماتودا، أو الديدان الثعبانية كما تسمى أيضا، كائنات حية ميكروسكوبية وهي إذ تهاجم العديد من النباتات في جذورها تحت التربة وما تسببه لها من تضخم بالخلايا وتلف في النسيج. تعيق نقل الغذاء والماء منه إلى باقي أجزائها فوق التربة فتظهر الأعراض عليها بشكل ضعيف تدريجي لنموها وتقزم في حجمها واصفرار وذبول في أوراقها لتحدث في النهاية موت النبات وفقدانه دون التعرف في غالب الأحيان على المسبب الرئيسي الموجود تحت التربة.
وقد ظهرت النيماتودا كمشكلة من المشاكل الزراعية البارزة في القطر عندما اكتشف وجودها على غراس الزيتون وغراس الدراق واللوز والمشمش وغبرها سواء منها المستوردة من خارج القطر أو المنتجة في مشاتله. وعندما ظهرت أيضا كمشكلة محددة وضاغطة في الحقول المنتجة للخضار وخاصة منها البندورة فكانت ومازالت سببا في نزوح زراعة البندورة من ارض إلى ارض ومن منطقة موبوءة إلى أخرى سليمة ولغير رجعة إلا بعد انقضاء زمن طويل. وقد قدر احد العلماء الفقد الحاصل في الإنتاج بين ارض موبوءة وأخرى سليمة بما لا يقل عن 37% في كمية الإنتاج عدا سوء نوعيته. وليس وقوع الضرر فيما يسببه وجود النيماتودا فقط بل ولما يرافق هذا لوجود من انتشار إمراض فطرية وبكتريا وفيروسية تأخذ هي لأخرى حصتها من الخسائر والأضرار لتصبح هذه الخسائر بالنسبة للفلاح لمنتج وفي كثير من الأحيان كلية وشاملة.
ما هي النيماتودا:تتصف النيماتودا كرتبة بكونها كائنات حية صغيرة الحجم، تشبه الديدان بشكلها العام، مستديرة ومتماثلة في مقطعها العرضي عند الرأس.
يتألف جسمها من أنبوبين أحدهما خارجي وهو الهيكل ويضم البشرة السطحية أو الأديم وما يتخللها من أعصاب وعضلات والآخر داخلي ويضم جهاز لهضم بأجزائه الفم والبلعوم والمعي الوسطى والمستقيم.
إن أكثر أجناس النيماتودا النباتية سوء منها الذي يعيش في التربة أو على النبات يبدو طولانيا ودودي لشكل وأغلها بقياس 2ملم.
وبعض هذه الأجناس يضم متمركزة Sedentary تختلف بأشكالها بين متطاولة أو كروية أو حويصلية غير منتظمة. وهي تتمتع برمح واخز Piercing Stylet موجود في فمها تستعمله ضد جدران خلايا النبات الذي تهاجمه لتنقد منها إلى محتوياتها فتؤمن بذلك غذاءها. وقد ينعدم وجود هذا الرمح في بعض الأنواع أو يتقلص طوله.
تعتبر النيماتودا رتبة مستقلة بنيتها وهي لا تنتمي إلى الحشرات باعتبارها لا تحمل أوصافها العامة كما لا تنتمي إلى الإمراض النباتية للسبب نفسه وان اختلف في نسبها إلى أي منهما كل من علماء الحشرات والإمراض النباتية.
تنسب أكثر أنواع النيماتودا النباتية إلى عائلة تيلينكيدي Tylenchidea التي تضم الشكل الدودي لوضعيه الخارجي والداخلي ونعني بالخارجي Ectoparasitic الذي يعيش خارج النبات بينما يعيش الداخلي Endoparasitic داخل خلايا النبات كما يضم الوضع نصف الداخلي ونصف الخارجي.
وتنسب أجناس وأنواع من النيماتودا النباتية إلى عائلة هيرود يريدي Hetrodindae التي تتميز بانتفاخ جسم الأنثى وتضم نيماتودا تعقد الجذور ونيماتودا الحويصلات.
والتكاثر عند النيماتودا جنسي في الغالب إلا إن التكاثر اللاجنسي يقع أيضا في حالة عدم وصول الذكر إلى الأنثى أو عدم وجوده أصلا. ويتم التطور بين الفقس والطور الكامل خلال أربع مراحل أو انسلاخات لليرقة لا يظهر الأول منها أحيانا لوقوعه داخل البيضة بحيث تكون اليرقة الظاهرة بعد الفقس هو الانسلاخ الثاني لها. وتتعلق عملية فقس البيض وتطور اليرقة بعد الفقس على توفر عوامل بيئية أهمها توفر رطوبة كافية وحرارة وتهوية مناسبة في التربة المحيطة بها وكذلك العائل الملائم لها يجده غالبا في التربة هو أطوار اليرقة غير المكتملة النمو والتي يصعب تمييزها وتعريفها وبالتالي تسمية نوعها.
أين توجد النيماتودا:توجد النيماتودا النباتية في كافة أنواع البيئات تقريبا، في التربة كما على النبات وخاصة جذوره. وهي بالرغم من مقاومتها للجفاف لفترة طويلة لا تبدأ تحركها ونشاطها إلا إذا توفر حولها الماء أو الرطوبة الكافية. وهي عند وجودها في التربة لا تفتت كتل الترب في تحركها ورسم طريقها إلى عائلها كما تفعل ديدان الأرض بل تمر من الثقوب المتاحة والممرات الموجودة أصلا بين الكتل والتي تتنسب حجم جسمها دون ضغط فهي لذلك تتأثر كثيرا بنوع التربة المحيطة بها فتكثر في التربة الرملية الخفيفة ذات المسام الواسعة إذ نجدها بيئة مناسبة لتحركها ونشاطها وخاصة عندما تتوفر فيها الرطوبة والتهوية اللازمة لتكاثرها.
انتشارها:تنتقل اليرقة من جذور عائل مصاب إلى جذور عائل آخر ببطء شديد لا يتجاوز عددا محددا من الأمتار كل عام وذلك في المنطقة الواحدة.
أما انتشارها من منطقة إلى منطقة أخرى فيتم مع وسائط النقل والآليات الزراعية وماء الاسقاء وحوافر الحيوانات بالإضافة إلى التربة الملوثة التي تحيط بالجذور أو الرايزومات المصابة وخاصة في المشاتل ومركز إكثار الغرس وتوزيعها كما تكون الغرس المستوردة المصابة سببا في نقل النيماتودا وانتشارها من بلد موبوء إلى بلد سليم.
وعلى ضوء الأهمية الاقتصادية لأجناس وأنواع النيماتودا واتساع نطاق انتشارها وتعدد أنواع النباتات التي تصيبها وبالتالي الأضرار والخسائر التي تحدثها في القطر العربي السوري سنأتي على ذكر ووصف مراحل التطور والتكاثر لأهم جنسين منها هما:ميلود وجايني Meloidogyne وهيتروديرا Hetrodera وكلاهما ينتمي لعائلة Hetrodiridae مع ذكر أهم أنواعها والعوائل النباتية التي تعيش عليها.
جنس ميلود وجايني Rootknot Nematoda :Meloidogyne :يعتبر هذا الجنس من أكثر أجناس النيماتودا النباتية اتساعا وشهرة نظرا لأغراضه الظاهرية المتميزة بالانتفاخات والتآليل تظهر على الجذور في موقع الإصابة وكذلك ضعف النبات المصاب وتقزمه وميله إلى الاصفرار والذبول وخاصة في الأوقات الحارة. ونظرا لاتساع نطاق انتشاره في القطر العربي السوري والأهمية الاقتصادية التي اكتسبها نتيجة لذلك رأينا من الضروري التوسع في وضعه كجنس وذكر طرق تكاثره وأهم العوائل التي تتعرض للإصابة.
وصف أطواره:1-البيوض Eggsشكلها متطاول، متوسط طولها يتراوح بين 33-97 ميكرون مع اختلاف الطول في المجموعة الواحدة. تضع الأنثى البيوض عادة متجمعة في الكيس البيضي بمعدل 200-500بيضة مغطى بمادة جيلاتينية ويحيط بنهاية جسمها. يزداد عدد البيض التي تضعه الأنثى أو ينقص تبعا لنوعية العائل النباتي وملاءمته لها أو عدم ملاءمته.
2-اليرقةLirva شكلها دقيق يشبه الدودة وتوجد ملتفة حول نفسها داخل البيضة حيث تتم انسلاخها الأول قبل خروجها منها. وهي تستطيع بعد خروجها التحرك داخل التربة والسعي إلى عائلها. يبلغ متوسط طولها بين 0. 4- 0. 5 ملمتر ويبلغ متوسط طول الرمح الموجود في فمها 10 ميكرون تقريبا.
3-الأنثى Female تأخذ الأنثى في بدء تكوينها شكل ثمرة الأجاص ثم تتحول إلى الشكل المستدير مع ضيق في منطقة العنق. طولها يختلف باختلاف النوع في الجنس الواحد. أما لونها فابيض لؤلؤي المنظر.
تظهر التحلق حول عنقها وفي منطقة الفتحتين الشرجية والتناسلية.
4-الذكر Maleالشكل العام للذكر دودي مع عنق منبسط قليلا، يتراوح طوله بين 0، 08 2ملمتر الجسم ويتحلق وقد يظهر التحلق حول الفم أولا يظهر بين أفراد النوع الواحد. يلاحظ التفاف الثلث الأخير من الجسم حول نفسه في الأحوال العادية.
كيف تعيش أنواعه وتتكاثر:تحاول اليرقات الحديثة بعد خروجها من البيض دخول أي جزء من النبات موجود في التربة شرط توفر الرطوبة الكافية حوله. إلا انه بسبب ضعف الرمح عدد اليرقات في هذه المرحلة تتركز نقاط دخولها ووجودها في نهايات الجذور الغضة وتبقى داخل النسيج دون تحرك. وهذا البقاء داخل النسيج يستمر طيلة حياة الإناث في حين يقتصر فقط على طور اليرقة بالنسبة للذكور. وتمر الذكور في ثلاث انسلاخات سريعة خلال أسبوعين أو ثلاثة لتخرج منها بشكل يشبه الديدان الدقيقة ولتبقى حرة طليقة في الفترة بعد ذلك أو ملتصقة بمؤخرة كيس البيض بقصد التزاوج وتلقيح الأنثى.
أما الأنثى فتمر بنفس عدد الانسلاخات التي يمر بها الذكر وبنفس الوقت ولتأخذ شكل الأجاص مع بروز في العنق في نهاية الأمر. وتبدأ الأنثى بوضع البيض في حال توفر العائل الملائم والحرارة المناسبة بعد 20-30 يوم من دخولها النبات كيرقة وذلك ضمن أكياس جلاتينية لحمايتها.
ويتم إطلاق البيض من أكياسه عادة عندما تخرج الأنثى مؤخرتها من الجذر قريبا من سطح النبات. والتكاثر لا يتم حصرا نتيجة تلقيح الذكر للأنثى وإنما قد يتم بدونه وفي حالات عادية حيث تضع الأنثى بيضها ويفقس البيض ليتم التكاثر طبيعيا وبغياب الذكر لأجيال عديدة.
وقد قدر بعض العلماء عدد البيوض التي تضعها الأنثى في اليوم الواحد ب27-120 بيضة حسب نوع العائل النباتي والظروف البيئية الملائمة وأن الأنثى تبدأ بوضع البيض بعد19 يوما وتنتهي منه بعد 35 يوما من دخولها النبات، والظروف البيئية الملائمة لوضع البيض في هذه الحالة هي الحرارة والرطوبة والأوكسجين الكافي للتهوية.
كيف تتغذى:تتغذى يرقات هذا الجنس على محتويات الخلايا النباتية للقشرة السطحية قبل دخولها إليها وتمركزها في داخلها فتتوقف هذه الخلايا عن النمو وتحت تأثير الإفرازات المقذوفة من خلال الرمح تتكون الخلايا العملاقة من البروتوبلاسم لتتغذى عليها اليرقات كما تتولد نتيجة ذلك كله الانتفاخات والتورمات التي تميز أعراض الإصابة بهذا الجنس. هذا ولملائمة نوعية العائل النباتي تأثير واضح على نسبة تكاثر هذا الجنس حيث وجد إن البيوض التي تضعها الأنثى تقل في حال عدم ملاءمة الغذاء لها كما إن عددا قليلا منها فقط يصل إلى الطور الكامل.
أضرارها:إن الأضرار التي تحدثها يرقات جنس الميلودوجانيي لا تظهر واضحة وبمستوى الضرر الاقتصادي إلا عندما تكون بأعداد كبيرة وبنتيجة إفرازات هذه اليرقات أثناء عملية الغذاء وخاصة عندما تقع الإصابة في نهايات الجذور حيث تفقد حيويتها ويتوقف عن النمو. وأعراض الإصابة لا تقتصر فقط على وجود الانتفاخات والثآليل في موقع الإصابة عند بعض العوائل النباتية بل تظهر معها تفرعات زائدة وكثيفة حول الجذر المصاب.
وهنا لا بد من الإشارة إلى ضرورة التمييز بين التورمات التي تحدثها نيماتودا تعقد الجذور وتورمات تثبيت الآزوت التي تظهر على جذور النباتات البقولية والأخيرة تكون إسفنجية لتكوين وتسهل إزالتها باليد بينما تكون تورمات النيماتودا صلبة قاسية وتصعب إزالتها إلا بالتشريح ووجود التورمات والانتفاخات على الجذر المصاب قد لا يسبب موت النبات فيما إذ توفر للنبات المصاب قدر كاف من الرطوبة والخصوبة في التربة ووفرة بالخدمات الزراعية إلا إن مثل هذا النبات المصاب يصبح ضعيف المقاومة في حال فقدان العوامل المذكورة وخاصة عندما يتعرض للجفاف المتواصل. وكذلك الحال عند وجود عائل نباتي مقاوم للنيماتودا فهي رغم وجودها عليه لا تستطيع إلحاق الضرر به لعدم تمكنها من التكاثر وموتها قبل إن تصل إلى الأطوار الكاملة. والمقاومة هنا تكون نتيجة سببين:أما عدم تمكن اليرقات من الدخول إلى النبات أصلا أو عدم تمكنها من التكاثر فيه بعد دخولها إليه ويكون ذلك غالبا ما لعدم تجاوب الخلايا مع افرازات اليرقة أو تباطئها في هذا التجاوب وبالتالي عدم تكوينها الخلايا العملاقة الصالحة لغذائها في الوقت المناسب لها.
العوامل المساعدة على الانتشار:يعتبر جنس ميلود وجانيي عالي الانتشار وهو يوجد حيث يوجد عائلة. وهو عائلة النباتية عديدة. إلا أن هناك عوامل سواء منها تربية أو حيوية تساعد على اتساع انتشاره وارتفاع نسبة تكاثره. فانتشاره أوسع في المناطق المتميزة بالصيف الطويل الحار والشتاء القصير المعتدل وهي تتواجد في كافة أنواع الأتربة حيث توجد العائل الملائم إلا إن نسبة وجودها وتكاثرها ترتفع في التربة الرملية الخفيفة الحسنة للتهوية، والمعتدلة الرطوبة وانتشارها في التربة يتم بواسطة انتقال اليرقة فيها وهو انتقال بطيء جدا لا يتعدى السنتيمتر الواحد في اليوم الواحد إلا إن الانتشار الأوسع يتم عن طريق الإنسان وخاصة الطرق التالية:
أ- بواسطة الأجزاء النباتية المستوردة وخاصة الجذور والأبصال و الرايزومات التي قد تحمل معها كتل البيوض المزروعة في داخل نسجها مما يجعل عملية التجفيف أو المعالجة صعبة جدا.
ب- بواسطة النباتات المزروعة في ارض موبوءة سابقا كالمشاتل وحقول تكاثر البذور وغيرها.
ج- بواسطة بقايا النباتات المصابة والمخروبة، وقد تؤثر على البيوض المحمولة عليها الجفاف الذي يمكن إن تتعرض له أثناء الخزن إلا إن هذا التعرض يجب إن يكون كاملا ليكون مؤثرا.
د- بواسطة التربة الملوثة المنقولة مع الغرس المصابة أو بواسطة حوافر الحيوانات ووسائط النقل وآليات الزراعة. وهنا أيضا قد يؤثر الجفاف في اليرقات والبيوض الموجودة فيتلفها إلا في الحالات الرطبة.
ه- بواسطة مياه الإسقاء وخاصة عندما ينتقل الماء من حقل ملوث إلى حقل سليم ومن السواقي الفرعية إلى الساقية الأساسية حيث تنقل إليها ما حملته بعد مرورها في الحقول الملوثة.